-A +A
محمد أحمد الحساني
إذا كان عدد دكاكين الشهادات العليا التي اكتشفت وزارة التعليم العالي وجودها بين ظهرانينا بعد أن ادعت تلك الدكاكين أنها تمثل جامعات عالمية تمنح درجات الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس عن بعد، إذا كان عدد هذه الدكاكين التي أمرت الوزارة بإغلاقها بعد اكتشافها لها قد بلغت اثنين وخمسين دكانا، فكم يبلغ عدد الزبائن الذين مروا خلال السنوات الماضية على تلك الدكاكين ودفعوا لها المعلوم واستلموا منها الشهادة المزورة ثم أصبحت أسماؤهم تتقدمها حروف متلألئة، وربما زاحموا بها غيرهم على الوظائف والترقيات أو على المكانة الاجتماعية على الأقل فأصبحوا ينادون بلقب دكتور، «وقد يجهل الإنسان وهو مدكتر» فإن نسي أحد من حولهم مناداتهم باللقب فقد يزجرونه بقولهم له: دكتور لو سمحت!.
إن المتوقع أن يكون عدد هؤلاء كبيرا وأنهم قد انتشروا خلال الأعوام الماضية في أنحاء الإدارات والمجتمع مثل انتشار إنفلونزا الخنازير، ولذلك فإن إغلاق دكاكين الشهادات المزورة لا يكفي بل لابد من التعرف على خريجيها من «الحبايب» وتحديد مواقعهم الإدارية والاجتماعية فهناك من يكون لديه الثانوية العامة فقط وربما الكفاءة المتوسطة ثم يفاجئك مثلما يفعل لاعب الجمباز بأنه قفز قفزة لولبية أصبح بعدها دكتورا يقدم اسمه بهذا اللقب وتنشر أخباره في الصحف ويستضاف في وسائل الإعلام ويستشار في أمور الحياة والمجتمع وقضاياه وكأنه لقمان حكيم؟!..
إن من حق بل من واجب وزارة التعليم العالي الكشف عن أي مزور لشهادته مهما كانت درجاتها وتخصصها ومكانته الاجتماعية وفضحه على رؤوس الخلائق جزاء له وردعا لغيره وأن لا تكتفي بعدم قبول شهادته المزيفة في جامعاتها، لأن هدف بعض أولئك المزورين الحصول على مكانة اجتماعية تساند ما هو فيه من بحبوحة مادية ليقال عنه إنه قد جمع المجد من أطرافه فإن كان له إخوة حذوا حذوه حتى تصبح العائلة الكريمة كلها من حملة الدكتوراه فيشار إليها بالبنان وتصبح مذكورة مثل الزفت والزرنيخ والنورة فإن أقبل الواحد منهم قيل له أهلا بالدكتور وإن أدبر قيل له مع السلامة يادكتور وإن نشر عنه خبر صحفي مجاملة تقدم اللقب اسمه ورسمه حتى يصدق نفسه «ويهبق» ولكنه نادرا ما يشعر بما هو عليه من هبقان.. نسأل الله لنا ولكم السلامة!.

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة